المصريات حقوق غائبة وإهمال مجتمعي!!

إسحق إبراهيم
يجتاح العالم موجات عنف عارمة تتزايد يوماً بعد يوم، وتمثل المرأة فيها نصيب كبير ليس كفاعل ولكن كضحية، وفي مصر تعاني المرأة من مشاكل عديدة لحرمانها من العمل والتعليم والرعاية الصحية وممارسة التمييز والعنف ضدها وتدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. ولا يزال قانون العقوبات المصري يتضمن تمييزاً واضحاً ضد حقوق المرأة حيث تنص المادة (227،274) على تفرقة قائمة على الجنس بين الرجل والمرأة اللذان يقوما بقتل الزوج أو الزوجة المتلبسين بالزنا، حيث وطبقاً لنص هذه المادة يعاقب الرجل بالأشغال الشاقة المؤقتة أما إذا قامت بهذا الفعل إمرأة فإنها تعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة. كما لا زالت أجهزة الإعلام المصرية تعكس تميزاً أخلاقي واجتماعي وسياسي واقتصادي للرجل في مقابل المرأة التي تبرزها كصورة للاستهلاك وللإثارة والجنس والعنف والسذاجة أو كتابعة للرجل أو تعظيم لدورها الأسري فقط مع إغفال شبه كامل لدورها كمنتجة أو مساهمة في التنمية والعمل السياسي وصنع القرار. وتشير الأرقام إلى أن غالبية النساء المصريات تعاني من الإيذاء النفسي والبدني والجنسي سواء في نطاق الأسرة أو العمل أو الشارع.
كما أن هناك شرائح من النساء ما زالت تعاني من العنف والاضطهاد لحقوقها خاصة كثير من النساء المهمشات والعاملات في القطاع غير الرسمي، وفتيات الشوارع وخادمات المنازل وفئات اجتماعية أخرى يتسم وضعها الاقتصادي بالتردي، كما تتسم سياسات الحكومة تجاهها بالتجاهل أحياناً بل ممارسة العنف والاضطهاد أحياناً أخرى، حيث ينتهك حقها في الحرية الشخصية والقبض عليهن كرهائن مخالفة لمبدأ شخصية العقوبة، وتتعرض الكثير من السيدات لتقييد حريتهن ودون ارتكاب أية جرائم، وذلك لإكراههن على أن يسلمن أو يعترفن بمكان أحد أفراد أسرتهن.
إن العنف الموجه إلى المرأة لا يمكن فصله عن موجة العنف التي تسود المجتمع بوجه عام، فالعنف الموجه إلى المرأة سواء كان جنسياً أو نفسياً أو جسدياً إنما يرجع في جانب من جوانبه للأسف إلى انخفاض مكانة المرأة في المجتمع، والصورة السائدة عنها أن العنف الموجه إلى المرأة يختلف عند مناقشته في مجتمعات العالم الثالث بوجه عام، فتلك المجتمعات تعرضت ولا زالت لأشكال مختلفة من الاستغلال والسيطرة الاقتصادية والسياسية في ظل نظام تحرير الأسواق والتجارة والبشر، مما يؤثر على النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي لتلك المجتمعات ومن ثم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشمل الفئات المكونة للمجتمع . كما يساهم في خلق هياكل وعلاقات إنتاجية واجتماعية مشوهة انعكست بدورها على المرأة باعتبارها الأضعف في الفئات الاجتماعية.
وبشكل خاص في مصر فإن ظروف التخلف والتبعية التي يعاني منها المجتمع المصري قد أثرت على غالبية الفئات الاجتماعية التي تعيش حالة من الفقر والتخلف الاجتماعي والثقافي والحرمان، بالإضافة إلى حالة القهر السياسي، مما يشكل في نهاية الأمر مناخاً خاصاً وعاماً لنمو العنف سواء في العلاقات الداخلية للأسرة وتكون المرأة ضحيتها الرئيسية، أو في إطار العلاقات الخارجية التي تحكم القوى الاجتماعية والسياسية في مصر. وبشكل آخر فإن الظروف الاجتماعية الظالمة التي تعيشها معظم الأسر الفقيرة التي يقطن معظمها المناطق الريفية أو الحضرية الهامشية تمثل شكلاً أساسياً من أشكال العنف الاجتماعي الواقع على جميع أفراد الأسرة رجالاً منهم ونساءاً، إلا أن هذا العنف يعاد إنتاجه مرة أخرى داخل الأسرة بناء على توزيع القوى الداخلية والخارجية فتصبح النساء هم أكثر الفئات عرضة للاضطهاد والقهر والعنف ويحتاج الأمر للقضاء على العنف وتحسين أوضاع النساء إلى التضامن والمقاومة من كافة مؤسسات المجتمع المدني الدولية والمحلية للقضاء على الفقر وتحسين أوضاع الحياة وضمان مستقبل أكثر أمناً وعدلاً وإنسانية لجميع البشر يكفل للنساء العيش بحرية.