منتدي الشهيد العظيم مار جرجس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بعض الكلام عن الكنيسه

اذهب الى الأسفل

بعض الكلام عن الكنيسه Empty بعض الكلام عن الكنيسه

مُساهمة من طرف St George السبت سبتمبر 15, 2007 12:09 pm

إنّ صرح الإيمان المسيحي متأصّل وراسخ في التاريخ رسوخاً عميقاً وتأصّلاً جذريّاً لا يعرف الانفصام. من هنا جاءت أهميّة التاريخ بالنسبة للمسيحيين، فالمسيحيّة وُلدت عندما صار الله إنساناً متجسّداً في المسيح وعاش في وقتٍ ومكانٍ محددين.
وقبل أن نبدأ بدراسة تاريخ الكنيسة وجب علينا أن نفهم ونعرف وندرك أولاً ما المقصود بتاريخ الكنيسة، فلا يمكن أن نتعامل مع التاريخ بأي حالٍ من الأحوال بشكل جامد ومجرّد دون أن نقوم بتفسير هذا التاريخ واستقصاء معرفته عن طريق البحث. هنا نجد المفهوم الإغريقي لكلمة “Histoikos” والتي تعني "تفسير الماضي في ضوء المعطيات مع تحيز المؤرّخ". وبالطبع فلا يمكن لهذا التفسير للماضي أن يُظهِر لنا التاريخ ويبيّنَه مثلما كان تماماً. وهذا طبيعي جدّاً بسبب عدم توفّر معرفة كاملة وحقيقيّة مجرّدة عن الماضي نظراً لأنّ ذلك يفوق إدراك المؤرّخ. وفي هذه الحال على المؤرّخ أن يحاول جاهداً، وبقدر ما تسمح له معرفته، تقديم الماضي بصدق وموضوعيّة وبدون تحيّز.
وقد يُعرّف التاريخ على أنّه تفسير مُدوَّن لماضي البشر. هذا التفسير مبني على معطيات جُمِعت بطرق علميّة من مصادر أثريّة أو أدبيّة. والمؤرّخ الكنسي يجب أن لا ينحاز، كالمؤرّخ الدنيوي، في جمعه لمعلومات التاريخ.
إذاً، فتاريخ الكنيسة هو تماماً كما يقول كيرنز: "سجل تفسيري للأصول والتقدّم والتأثير المسيحي على المجتمع البشري". ويقول أيضاً: "إنّ تاريخ الكنيسة هو القصّة المنظّمة المُفسّرة لفداء الإنسان".
أهميّة دراسة تاريخ الكنيسة
لا بدّ أن تكون هناك فوائد هامة من خلال دراسة تاريخ الكنيسة، وإلا فإنّ هذا الموضوع يصبح مادة نظريّة جامدة وجافة وقاسيّة لا قيمة لها.
أ‌- إنّ دراسة تاريخ الكنيسة ينير ويحمّس ويلهم المؤمنين ليحيوا حياة روحيّة رفيعة المستوى. فكما يقول الرسول بولس في رسالته إلى أهل روما بأنّ معرفة الماضي تهب المسيحي رجاءً (رو15: 4). فمثلاً من يدرس الموقف الشجاع لأمبروز Ambrose أسقف مدينة ميلان، الذي أبى مناولة الإمبراطور ثيودوسيوس Theodosius فريضة العشاء الرباني حتى يتوب عن المذبحة التي اقترفها ضدّ التسالونيكيين، لابدّ أن يتشجّع للثبات في وجه الشر. وهناك مثل آخر ألا وهو دفاع وحماس جون ويسلي الذي ألقى ما يزيد على عشرة آلاف موعظة أثناء حياته، والسفر آلاف الأميال على ظهر حصان هما بمثابة تحدّ للمؤمنين الذين يمتلكون وسائل نقل أفضل وإمكانيات دراسيّة أشمل مما كان لجون ويسلي وبالرغم من ذلك لا يستثمرونها كما ينبغي.
ب‌- إنّ "الحاضر هو عادةً نتاج الماضي وبذرة المستقبل". والرسول بولس يحث المؤمنين في (Iكو10: 6، 11) أن يتّخذوا من أحداث الماضي عبرةً تساعدهم على تجنّب الشر. وخير مثال لنا هو دراسة تسلسل مراتب الكهنوت الهرميّة في فترة القرون الوسطى للكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيّة. إنّ هكذا دراسة ستشير إلى الخطر المحدق بالكنيسة البروتستانتيّة الذي يتسلل إليها بسبب المغالاة في التعلّق بممارسات وطقوس كنسيّة معيّنة. وهناك أمثلة أخرى عن دراسة البدع والهرطقات التي ظهرت في الكنيسة الأولى. فعندما ندرس الغنوسيّة Gnosticism (وهو مذهب بعض المسيحيين الذين اعتقدوا بانّ المادة شر وأنّ الخلاص يأتي عن طريق المعرفة الروحيّة)، لا بدّ أن نكف عن المغالاة في احتقار الجسد وروحنة الأمور الطبيعيّة.
ت‌- يمكن أن نتعامل مع تاريخ الكنيسة كمرشد لنا يساعدنا على فهم الحاضر، فنحن "نفهم الحاضر على نحوٍ أفضل إذا كانت لنا معرفة بجذوره في الماضي". فالميثوديستي مثلاً (وهو من أتباع الحركة الدينيّة الإصلاحيّة التي قادها آل ويسلي، تشارلز وجون ويسلي، لإعادة إحياء وانتعاش كنيسة إنكلترا) يجب أن يرجع إلى بدايات كنيسته عندما تكوّنت مجموعة الميثوديست الذين انفصلوا عن الكنيسة الأنجليكانيّة. والمشيخي أيضاً (وهو تابع للكنيسة البروتستنتيّة التي يدبّر شؤونها شيوخ مُنتخَبون يتمتعون كلهم بمنزلة متساوية) ينبغي أن يقتفي آثار أصول كنيسته في سويسرا ليصبح واعياً لنسبه الروحي. هذا، كم أنّه إذا أردنا أن نعرف الفرق حقاً بين الميثوديست والمشيخيين علينا بالعودة إلى التاريخ لندرس آراء كالفن Calvin وآراء أرمينيوس Arminius .
ث‌- يجب أن ندرك أيضاً أنّه توجد عدّة فوائد عمليّة يجنيها الخادم المسيحي الذي يمارس قراءة تاريخ الكنيسة. فالمعتقدات المسيحيّة الأساسيّة (مثل: الثالوث والمسيح والخطيّة ولاهوت الخلاص...) من الصعب أن نفهمها دون أن نراجع تاريخ الفترة ما بين مجمع نيقية Council of Nicaea ومجمع قسطنطينيّة Council of Constantinople عام 680م.
ج‌- أخيراً نقول أنّ دارس التاريخ الكنسي لا بد وأن يتحرّر من آفاقه الضيقة وأن لا يبقى محدداً ضمن إطار طائفي شخصي. فدارس التاريخ سيشعر بالتواضع عندما سيواجه عمالقة الإيمان في ماضيه الروحي, هذا، كما أنّه لا بد أن يصبح متسامحاً ومتقبّلاً لكل الذين يختلفون عنه في الأمور الثانويّة والجانبيّة ولكنّهم يتشاركون معه في قبول عقائد الإيمان المسيحي الأساسيّة (مثل: موت المسيح النيابي عن البشر وقيامته المجيدة) (راجع أع17: 2-3 Iكو15: 3-4).

St George
Admin

المساهمات : 61
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى